Pages

15.8.13

رسائل ترد إلى المرسل


أخي الحبيب،
دعني أقص عليك ثلاثة مشاهد يعود أقدمها إلى عام 2010 لتعرف الأنحدار الذي وصلنا إليه خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
المشهد الأول: هو ليس مشهد تحديداً ولكن مقال قرأته في سبتمبر 2010 بعنوانعبد الوارث" والذي يتخيل فيه الكاتب حوار بينه وبين أحد عساكر الأمن المركزي ويقول "الزمن الرديء فقط وضعنا متواجهَيْن أمام بعضنا بعضا، والجندية “سهموداير” من يفلت منها يا ابن العم ؟؟، ألبسوك الزيَّ الأسود، وضعوا على رأسك الخوذة الثقيلة، أعطوك درعاً تدفعني به وعصًا تضربنا بها، وقالوا لك اضرب أولاد الكلب هؤلاء، لكنك تعرف جيداً أننا لسنا أولاد الكلب…، تعرف ذاك من كلماتنا، من لافتاتنا التي بالكاد تفك حروفها، من ذاك العلم الذي يرفرف في أيدينا، وأكثر من هذا كله أنك تعرف من هم أصحاب الكروش مُصدِّرو الأوامر ،.. تعرف جيداً أن من يقهرنا قد قهرك مرات ومرات.” أذكر حينها كم تأثرت بهذا المقال وأرسلته لصديقة لي التي أخبرتني إنها لا تعتقد أن العساكر بالبرأة التي أتخيلها وأنهم في الأثم سواء، فهم لهم عقولاً يفكرون بيها وليسوا فقط “عبد المأمور”، بالطبع حينها كنت ساذجة لدرجة منعتني من تصديقها.
المشهد الثاني: فبراير 2012 وتحديداً بعد أحداث بورسعيد بيومين، كنت أتحدث مع بعض الأصدقاء وكنت أقول لهم أن من المستحيل أن يكون الجيش هو من دبر لتلك الأحداث، “أكيد هم مش بالغباء ده يعني عشان يقوموا الشعب عليهم”، وبالطبع مرت الأيام وأثبتت لي أن الغبي الوحيد هو أنا لسذاجتي المبالغ فيها.
المشهد الثالث: قبل مظاهرات 30 يونيه بأيام قليلة كنت أتحدث مع صديقة لي وكنا نحاول أن نرتب لقاءً فقالت لي “بعد الحرب الأهلية م تخلص إن شاء الله”، حينها ضحكت وأخبرتها أنه لن يكون هناك حرب أهلية وأن كل شئ سيكون على ما يرام وأخبرتها أني “متفائلة” فردت قائلة “أنا مش شايفه أي حاجه تدعوا للتفاؤل”، ولكني كالعادة لم أستطع حينها رؤية الأنقسام الهائل الذي نجح نظام مبارك في أحداثه في صفوف الشعب المصري.
هل لاحظت يا أخي كبف أتسعت الرقعة من الأمن المركزي إلى الجيش إلى الشعب بأكمله في غصون عامين؟ نجح النظام البائد في أستخدام أقدم خدغة يستخدمها المستعمر وهي “فرق تسد”، وبدأ بالعودة هو وفلوله بالتدريج للمشهد السياسي ثم قتل كل من يعارضهم كأنهم دجاج وليسوا بشر. ما حدث بالأمس يا أخي ربما ينساه البعض كما نسوا أموات كثيرة من قبل، وهناك من سيقول هذه فتنة وألزم دارك ليريح ضميره متجاهلاً بذلك أهم قواعد الفتنة وهي عم وضوح الحق من الباطل. وهناك أخرون سيقولون “إيه اللي وداهم هناك!” وهؤلاء يجب تجاهلهم تماماً فهم لا يعرفون كيف يعيش الأنسان لقضية ويموت من أجلها.
تعلم يا أخي، منذ عامين تقريباً بدأت أدعوا الله أن يرزقني الشهادة في سبيله، وبعد هذا الكم من القتل الذي حدث بالأمس أصبحت الشهادة على أعتاب دارنا، مما جعلني أفكر: هل أنا أهلاً للشهادة؟ فالشهادة يا أخي ليست لأي شخص ولكنها فقط للصفوة، فقد قال ربك في كتابه “ويتخذ منكم شهداء”، فربما أختارهم ربك لصفاء قلوبهم وتركنا هنا لتكفير ذنوبنا بالصبر على البلاء، فلنصبر ولتحتسب، ولندعوا الله أن يجمعنا بهم في الفردوس الأعلى.

No comments:

Post a Comment