"كل ما يأتي إلى مصر يتمصر"
كما قال الشاعر العراقي مهدي الجواهري، وقد أثبتت هذه العبارة صحتها طوال أيام الثورة المصرية وحتى بعد تنحي الرئيس السابق ما زالت تثبت صحتها!
فالشعب المصري هو الوحيد القادر على تحويل الاستفتاء من مجرد استفتاء عادي إلى ظاهرة فريدة من نوعها! وعلى الرغم من أني لم أحضر استفاء من قبل ولا أعرف كيف تكون الاستفتاءات إلا أنه كان هناك عدة مظاهر غريبة لا أعتقد أنها تمت للاستفتاءات العادية بصلة! بعضها حدث في الفترة السابقة للاستفتاء والبعض الأخر حدث لي أثناء وقوفي في الطابور للإدلاء بصوتي، حاولت هنا كتابة بعض هذه المظاهر على سبيل المثال وليس الحصر.
- الاستفتاء اللا سياسي:
- بالرغم من أن الاستفتاء يخص تعديل مواد سياسية، إلا أن بعض المصرين نجحوا في تحويله إلى أمر عاطفي بحت! فتري في الشارع ملصقات عليها صورة خالد سعيد ووالدته ومكتوب تحتها "صوت ب لا عشان أمي تاخد عزائي"! (أو شئ من هذا القبيل).. ما العلاقة بين التصويت ب لا وعزاء خالد سعيد الذي توفي منذ ما يقرب من عام! دعك من كرهي التام لعملية الكلام على لسان الموتى هذه، فما أدراك إذا كان ما يزال حياً أليس من المحتمل أنه كان سيصوت ب نعم؟!
- هناك أيضاً ذلك الإعلان في أحد الصحف القومية الذي يحث المسلمين على التصويت ب نعم من أجل الإسلام! فعلى الرغم من أني ضد الرأي بأن الدين لا دخله له بالسياسة (لأن الدين منهج حياة متكامل) ولكني لم أستطع فهم الصلة بين قبول التعديلات والإسلام، فلا يوجد في المواد المعدلة حلال أو حرام!
- أنا أعترض إذاً أنا موجود:
رأيت هذا النموذج للأسف في لجنة الاستفتاء، البعض يشعر أن الفرصة قد واتته أخيراً ليعترض ويرفض ويصوت ب لا دون أن تأتي النتيجة النهائية ب 99% نعم.. فكيف يمكنه تضيع هذه الفرصة الذهبية؟!
وهناك أيضاً من كانوا يصوتون ب لا فقط لأن الأخوان صوتوا ب نعم، أو صوتوا ب نعم لأن بعض المسيحيين صوتوا ب لا!
وفي كلتا الحالتين هم لا يهتمون حقاً بالمواد المعدلة، المهم الاعتراض!! - القدوة:
أحد المظاهر التي لم أستطع استيعابها أيضاً كان إعلان أخر في جريدة المصري اليوم لعدد من "الفنانين" مثل منى زكي وأحمد حلمي وعمرو سلامة وغيرهم من الشخصيات "المحترمة" (كما ذُكر على أحد المواقع) يحثون فيه المواطنين على رفض التعديلات الدستورية! حقاً لا أفهم لماذا يعتقد هؤلاء "الفنانون" أنهم خبراء سياسيون وواجبهم أن ينصحوا الناس! ولا أفهم أيضاً لماذا يصر بعض الناس على أن أي شخص "محترم" هو شخص خبير ودائماً على صواب!!
لم يقوم المصريون –في اعتقادي— بهذه الثورة ليأتي أي شخص ويملي عليهم ما يجب فعله! فالمصريون في ميدان التحرير لم يكتشفوا فقط أن لديهم صوت، بل لديهم رأي أيضاً وعقل قادر على تكوين هذا الرأي دون تدخل من أحد. - الديمقراطية:
هل نحن شعب غير مؤهل للديمقراطية حقاً كما قال نائب الرئيس –المخلوع— عمرو سليمان؟! فكل ما رأيته في الأسبوع السابق للاستفتاء كان محبط للغاية، الكل يحاول إقناع الأخر برأيه دون المحاولة للاستماع لوجهة النظر الأخرى، الكل متمسك برأيه بطريقة مثيرة للدهشة حقاً! لم أجد (غير القليلون للغاية) من يعرض وجهتي النظر بحيادية تامة ويترك القرار النهائي للطرف الأخر (فهذه في نظري هي الديمقراطية!)، فأغلب الندوات التي تم عقدها لمناقشة الدستور كان المُحاضر يعرض فيها وجهة نظرة فقط.
دعك من الهواية المفضلة لدي البعض باتهام كل من يختلف معهم في الرأي، فكل من يقول نعم يفتح الباب للإرهاب وكل من يقول لا يعطل حال البلد! - الطابور الأطول:
ذهبت في الصباح للإدلاء بصوتي ولكن بسبب الزحام الشديد والتزامي ببعض المواعيد اضطررت لترك اللجنة، ثم ذهبت إلى لجنة أخري في المساء، وفي كلتا اللجنتين كان دائماً الطابور الأخر هو الطابور الأقصر والأسرع! وعلى الرغم من الشكوى المستمرة ممن يقفون حولي من بطء هذا الطابور وسرعة الأخر إلا أن أحدهم لم يترك هذا الطابور البطيء لينضم للأسرع!
مما جعلني أتسأل لماذا ينظر بعض الناس لما عند غيرهم ويستمرون في الشكوى دون محاولة تحسين أوضاعهم؟!
(عندما وصلت لباب اللجنة أكتشف أن الطابورين بنفس الطول والسرعة تقريباً) - م جاتش عليّا:
لسوء حظي كانت تقف أمامي سيدة "حاجزه" لعائلتها، وعندما أبديت اعتراضي أخبرتني أحد أقاربها (التي أتت بعدي بساعة!) إنها "م جاتش عليها"!!
كنت أريد أن أسألها لماذا أتت لتدلى بصوتها إن كانت تعتقد حقاً إنها "م جاتش عليها"؟ فهي بعد كل شئ مجرد شخص واحد لن يعطلني وقوفها أمامي ولن يغير صوتها في نتيجة الاستفتاء على أية حال!
أتمنى حقاً ألا أرى المزيد من المظاهر الفريدة بعد ظهور نتيجة الاستفتاء ب نعم برغم من اعتراض الكثيرين!
الاستفتاء كان اول تجربة حقيقية للحرية في مصر
ReplyDeleteو تم تقبل النتيجة .. بغض النظر عن غزوة الصناديق يعني :) التي أثارت حفيظة كثيرين أنا منهم .
عشان أول تجربة .. كان لازم يحصل فيها تجاوزات
و دور النخبة دلوقتي انهم يبتدوا ينزلوا الشارع و يحاولوا محو الامية السياسية و نشر مفهوم الديمقراطية