صغيرتي الحبيبة،
ما زلت اذكر حين عرفت قصة سقوط الأندلس للمرة
الأولى، كنت حينها في الثانية عشر من عمري وكنت أشعر بالحنق الشديد على مسلمين هذا
الجيل، هذا الجيل الذي أضاع هذه البلاد. كنت أتعجب كيف لم يستطيعوا وهم كُثُر أن يتحدوا
معاً ليحافظوا على أرضيهم! كيف تمكنوا من بلوغ تلك الحالة المخزية من الوهن والاستسلام؟!
تزامن معرفتي بقصة سقوط الأندلس مع الانتفاضة
الفلسطينية الثانية. كنت في ذاك الحين في المرحلة الإعدادية، وكانت المظاهرات تخرج
حاشدة من المدارس والجامعات لتندد بما يفعله الصهاينة بفلسطين. أنا يا بنتي من الذين
نشؤوا على بغض الصهاينة، هذه هي عقيدتنا. كنا نشعر بالعجز لعدم نصرتهم بالسلاح، ولكننا
لم نترك أية وسيلة أخرى للمساعدة –من إرسال المساعدات المادية ولجان الإغاثة
والأطباء- إلا وفعلنها. واليوم أصبحنا لا نملك حتى الدعاء لهم في المساجد.
لا أعرف كيف ولا متى انقلب الأمر ونجح سحرة فرعون بإقناع الناس بوجوب السلام مع إسرائيل وبإرهابية الفلسطينيين. لا أعلم كيف حدث هذا يا بنتي. منذ أعوام قليلة كنت أعمل بإحدى المدارس الدولية ذات المرجعية "ألإسلامية"، وكانوا ينظمون يوماً لتعريف الطلاب بمختلف بلاد العالم وسموه "اليوم العالمي"، وعندما أرادت أحدى المعلمات تعريف الطلاب بالشيخ أحمد ياسين (الشيخ المجاهد القعيد الذي مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس والذي اغتاله الصهاينة بالطائرات أثناء عودته على كرسيه المتحرك بعد أداء صلاة الفجر) رفضت إدارة المدرسة "الإسلامية" لدواعي "أمنية".
لا أعرف كيف ولا متى انقلب الأمر ونجح سحرة فرعون بإقناع الناس بوجوب السلام مع إسرائيل وبإرهابية الفلسطينيين. لا أعلم كيف حدث هذا يا بنتي. منذ أعوام قليلة كنت أعمل بإحدى المدارس الدولية ذات المرجعية "ألإسلامية"، وكانوا ينظمون يوماً لتعريف الطلاب بمختلف بلاد العالم وسموه "اليوم العالمي"، وعندما أرادت أحدى المعلمات تعريف الطلاب بالشيخ أحمد ياسين (الشيخ المجاهد القعيد الذي مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس والذي اغتاله الصهاينة بالطائرات أثناء عودته على كرسيه المتحرك بعد أداء صلاة الفجر) رفضت إدارة المدرسة "الإسلامية" لدواعي "أمنية".
منذ أيام قليلة ذهب وزير
خارجية دولتنا (التي حررت أرضها فيما مضى وفرطت فيها الآن) إلى ما يسموه "دولة
إسرائيل" -وهي ليست أكثر من عصابة من مغتصبي الأرض الذين أعتدوا على مقدستنا وزعموا
أنها ملكاً لهم. ذهب إلى هناك ليقدم فروض الولاء. منذ ما يقرب من عشرة أعوام لم يذهب
أي مسئول مصري للصهاينة، ولكن الانقلاب قلب الموازين والعقول، هذا الانقلاب الذي تحدث
زعيمه عن "السلام الدافئ" مع عدونا الأبدي.
أن القضية يا بنتي ليست قضية أرضٍ فحسب، ولو كانت
قضية أرضٍ لكفت، كما أنها ليست قضية دم وثأراً فحسب، ولو كانت قضية دم وثأر لكفت، ولكنها
أيضاُ عقيدةٌ يا بنتي، إنها مقدسات لا يمكننا التخلي عنها لمجرد زعم البعض بأن الفلسطينيون
باعوا أرضهم لليهود، إنها أولى القبلتين وثالث الحرمين.
قبل أن تسأليني يا بنتي عن دور جيلي في تضيع فلسطين،
دعيني أخبرك عما بلغنا من ضعف. نحن يا بنتي من ينطبق علينا حديث نبينا: "غثاء
كغثاء السيل"، لم نستطع أن نحافظ على بلدنا من أيدي العسكر، فما بالك بمقدساتنا
التي في أيدي الصهاينة. أنا لا أبرر لكي الوضع يا فتاتي، أنا فقط أريدك أن تعرفي ما
آلت إليه الأمور، وأكتب إليك لأن هذه هي وسيلتي الوحيدة للحفاظ على القضية، حتى وأن
كانت هذه الوسيلة مجرد كلامٌ على ورق، فأنا لا أريد أن أنسى أو أن تنسي من نحن وما
عقيدتنا، وما هي قضيتنا.